• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / من روائع الماضي
علامة باركود

مواعظ وحكم من كتاب "روح الأرواح" لابن الجوزي (1)

مواعظ وحكم من كتاب "روح الأرواح" لابن الجوزي (1)
أحمد أبو زيد كامل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/1/2017 ميلادي - 1/5/1438 هجري

الزيارات: 16377

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مواعظ وحكم من كتاب "روح الأرواح" لابن الجوزي (1)[1]

 

١ - يا حبيبي، باب الذل أقرب لدخول قصص الملهوفين، لما أدخل آدم منه قصة: ﴿ ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ﴾ [الأعراف: 23]، وقع على ظهر قصته: ﴿ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾ [البقرة: 37].

 

٢ - إذا لم يصبِرْ يوسف قلبك على سجن التعبد، فلا أقل من حزن يعقوب، فإن لم يكن، فعسى اعتراف إخوته يوم: ﴿ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ﴾ [يوسف: 88].

 

٣ - العارفون شمَّروا عن ساق الجِد، وأهل الغفلة في لهو الهوى يلعبون، كم أطالوا نوم الغفلة على فراش البطالة لا يستيقظون، ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾ [المؤمنون: 99].

 

٤ - كم تحضُرُ مجالس الذكر، والحال ما حال، عجب عجاب!

٥ - أين مَن حصَّن الحصون وغدا في لهوه وراح؟! أبادهم الحدثان، فكم لهم تحت اللحود لو سمعت مِن صياح، يوَدُّ أحدهم ساعةً مِن عمرك عساه بالإقالة يرتاح.

 

٦ - أهل المعاصي جفَّتْ مِن أعينهم العبرات، فلا معين ولا معين.

٧ - يا مَن تعثَّر في ليل هواه، متى يبدو من التوبة الصباح؟!

يا مَن غره ليل الشباب، هذا فجر المشيب قد لاح.

أتلفت قوتك في طلب القوت، وفي الكِبَرِ ترجو الصلاح.

 

٨ - يا أخي، بالله عليك أحضِرْ قلبك للطاعة ولو ساعة، يا مَن جمد قلبه على الهوى جمود الجماد، طبعُك للمعاصي متحرك وللطاعة ساكن، ويحك! أمَا لك قلب تنظر به لماذا خلقت؟ ما أطولَ نومَ غفلتك! فمَن أُحدِّث؟! ويحك! أين ذل الاعتراف؟!

 

٩ - أين السرير والنعمان؟!

وأين كسرى والإيوان؟!

وأين ملوك بابل؟ أبادهم الحدثان، ليومٍ يقدمون فيه على ما قدموه، ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران: 106].

 

١٠ - كم درست عليك الأيام حديث الربوع الدوارس![2].

كم أسمعك حادي المشيب رحيل ركب العمر وأنت في بحر الغفلة تمارس!

كم تشتري هوى النفس بفَلْس وأنت في متجر إيمانك تُماكِس![3].

كم تختلف إليك رسل المنايا وأنت تعلم أنك بينهم بعد قليلٍ جالس!

ويحك! إذا وسَّخْتَ ثوب إيمانك بدنس الدنيا، فيوم زينة المحشر ما أنت لابس؟!

 

١١ - واعجبًا! كم لي أُحدِّث قلبك وما عندك خبر.

ضيعتَ شبابك في الغفلة وتبكي عند الكِبَر.

كيف استلَنْتَ فرش المعاصي، ما الذي أعمى منك البصر؟!

تعصي مَن خلقك من نطفة وقدر عليك وقدر، بيده خزائن السموات والأرض ويستقرض منك ويتخذ والذي عندك محتقر.

 

١٢ - لمَّا ضعفت عن الخدمة نويت المتاب، ليت شعري فيما أنفقت حاصل الشباب؟!

لما كنت غضًّا طريًّا نأيتَ عن الأحباب، فلما عدتَ يابسًا عدت إلى الباب.

كم غيبت مِن الأتراب تحت التراب، أما تراهم كيف جفاهم الخِلَّان والأصحاب؟! ما كأنهم كانوا وكنَّا في اجتماع وأتراب.

 

١٣ - واعجباه! ما الذي أنزل همةَ نفسٍ أنفاسُها نفيسة من يوم: ﴿ اسْجُدُوا ﴾[البقرة: 34] حتى زاحمتها كلاب الشهوات في جيفة الدنيا على مزابل الشَّرَهْ؟! وحجارة الذل تقع على الأنوف ولا أنفَهْ!

 

١٤ - يا رفاق التائبين، البَدَار؛ فمنزل القبر قريب، كثِّروا زاد التقوى لطول السفر تجدوه، ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران: 106].

 

١٥ - يا أهل المعاصي، متى يكون عن دار الغفلة الإقلاع؟!

هذا المشيب يخرب من شبابك مشيد القلاع.

اسمعوا نَغَم حادٍ ينادي مَن حاد عن السبيل ضاع:﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18].

 

١٦ - يا مَن ثوبُ ثوابه بالمعاصي تمزَّق.

يا مَن وجهة توجهه بالغفلة أخلق.

إذا طلبت الآخرة سامحتَ وإذا طلبت الدنيا تتحقَّق.

همَّتُك في طلب الدنيا كالثريَّا، وفي طلب الآخرة في الثرى، ولا أسفَ ولا قلق!

 

١٧ - سبقَتِ السعادةُ لقومٍ كل منهم إلى باب الحبيب استبق؛ فأهلُ الشقاء كلَّما راموا المهمات طبق عليهم الخِذلان الطبق.

١٨ - يا هذا، العلم ذهب، والعمل وَرِق، والمصارفة هذا لهذا.

 

١٩ - ثواب ألطافه ينادي بلطيف لطفه:﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾ [الحديد: 11].

مائدة رزقه على بساط البسيطة مبسوطة، ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ [الملك: 15].

إن أتى مُفلِس التوبة إلى بابه بلا فلسٍ، أخرجت له مائدة: ﴿ لَا تَقْنَطُوا ﴾ [الزمر: 53].

إن بالغت سهام الذنوب في المذنبين، جذب نصلها التنصل بالاستغفار، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ﴾ [الزمر: 53].

 

٢٠ - بدَا للقوم فجرُ الآخرة مع فجر القرب، فجَدُّوا في السرى، وأنت مقيم في البطالة.

 

٢١ - يا معاشرَ السالكين، غُضُّوا أبصار البصائر عن النظر إلى الفضول؛ فالمُراقِب بالمرصاد.

قيِّدوا خُطى الخطايا عن الجولان في ميدان الهوى؛ فالناقدُ بصير.

اجمَعوا سهامَ الغِيبة عن أغراض الأعراض؛ فرُبَّ رميةٍ أصابت الرامي.

كم كلمةٍ كَلَمَتْ[4] قلب المتكلم!

وكم نظرةٍ أذهبَتْ نضرة الناظر!

 

٢٢ - إذا همَعَتْ[5] قطرات المدامع مِن سحائب العيون على أرض الخدود، أزهَر بستانُ الخشية، وتعطَّرت أنفاس النفوس بطيب المراقبة، وامتلأت عيون القلوب بماء المحبة، وغنَّتْ بلابل الألباب على أفنان الثناء، وقدحت زناد المحبة في مجامر الفؤاد، وصفا زمانُ المراقبة من غَيْم الغفلة.

 

٢٣ - أين زفرات الأشواق؟

أين عَبَرات العشَّاق؟

أين دموع التائب المهراق؟

 

٢٤ - لله درُّ الصادقين! صبروا على قطع مسافة العمر، ﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23].

 

٢٥ - لا تستصعِبْ طريقَ الصادقين من الدار إذا كان المغيثُ يُغيث والمعينُ يُعين؛ فرُبَّ مطلب ناله فقيرٌ وخاب منه الطالب.

تعرَّض لمَن أعطاهم؛ فإنه لا يخشى الفقر، سَلْ بلسان الذل مَن أغناهم؛ فعسى أن يجبُرَ كسر فقرك، فما أجملَ حليةَ الانكسار!

 

٢٦ - يا مقامات السالكين، أين السالك؟!

يا سامع الواجدين، أين الواجد؟!

يا ربوع الصالحين، أين الساكن؟!

يا آثار الزاهدين، أين القاطن؟!

 

٢٧ - يا مَن طردَتْه الذنوب عن الباب، اندُبْ زمان الوحشة وراجع؛ فالخائفون أقبلوا على المولى بدمعٍ سائل، وقلب مِن الهيبة خاشع.

 

٢٨ - إخواني، إياكم والمعاصيَ؛ فإنها أذلَّت مَن أذلت حتى أسقطت تاج: ﴿ اسْجُدُوا ﴾ [البقرة: 34] إلى أرض: ﴿ وَعَصَى ﴾ [طه: 121]، ونكست رأس: ﴿ اسْكُنْ أَنْتَ ﴾ [البقرة: 35] بذلِّ: ﴿ اهْبِطَا مِنْهَا ﴾ [طه: 123].

 

٢٩ - يا مسافرون، أين الزاد؟!

يا راحلون، أين الركائب؟!

 

٣٠ - يا نائمًا في قفار[6] التسويف، أخطأتَ الطريق، صبي غفلتك يقول: إذا شبت تبت، ولسان القواطع يناديه: ﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ﴾ [المؤمنون: 36].

علامة الهلاك للمريض التسويف.

 

قواعد آمالك مبنيَّةٌ على شفا جُرُف هارٍ، عزيمتك للتوبة عزيمة بازي[7]، وعند عقد العهد تفرُّ فرار رخمة[8]، تنقض عزيمة العزم بالتسويف ﴿ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا ﴾ [النحل: 92].

كلما ابيَضَّ الشيبُ، اسودَّتِ الصحائف!

كلما ضعُفت القوة، قوِي المرض!

كلما قصُر الأجل، طال الأمل!

 

٣١ - إخواني، افتَحوا أصداف الأسماع؛ فلعل قطراتِ المواعظ تعقد فيها جوهر المتاب.

كم يعرض عليكم سمسار الموعظة سِلَع الآخرة ولا مشتري!

كم يفتح لكم نوافج[9] مِسك اليقظة، وزكام الغفلة قد غلب!

 

٣٢ - المغرور بطول الأمل يبيع ماء الشَّرابِ ثم يعود بظمَئِه.

٣٣ - واعجبًا! كيف تستحلي الدنيا وهي علقمٌ في ذوق المحاسبة؟! لكن في ذوقك مرض.

عرضك عارض الغفلة للإعراض، فلما عرضت عليك عروض الأعمال، أعرضتَ.

جس طبيب التوفيق نبضَ قلبك، فما وجد فيه حركة، فأقبل يُعزِّي أعضاء التعبُّد!

 

٣٤ - يا حبيبي، إن لم تكن في طلائع المحبين، فإياك أن تتخلَّفَ عن ساقةِ المستغفرين.

ويحك! إلى كم تُشيِّعُ ركائب التائبين وترجع؟! سيصِلون وتقطع، سيظفَرون بالمُنى وتمنع، إذا فاتك الرِّبحُ في الموسم فبأيِّ الأرباح تطمع؟!

 

٣٥ - يا مَن تُحدِّثه الحوادث وما يسمع.

يا مَن تناديه العِبَر: ارجع إلى الطريق وما يرجع.

جس طبيب الموعظة نبضَ عزمِك فما وجد في حياتك مطمع!

كم نوم في الهوى، كم نوم في الغفلة وثوب شبابك تقطع.

كم ذا التعامي، كم ذا التمادي، غدًا فجر المشيب يطلع.

 

٣٦ - يا بائعًا عمره بثمن بَخْسٍ وقد ضاع الثمن.

يا محبوسًا في سجن الغفلة، لو أشرقت على وادي الدجى لرأيت قصور القوم على شاطئ نهر: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ [الذاريات: 17]، وسمعت بلابل أشواقهم على أغصان الأشجار تترنم: ﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 18].

 

٣٧ - مَن عبَر إلى ساحل الندم سالت عبَراتُه، ومَن حزن على الفائت ظهرت حسَراته.

٣٨ - يا نائمًا في ليل الغفلة، تيقَّظْ؛ فقد لاح فجرُ الرحيل، بالله ما تخلُّفك عن الركب؟! ما أرى ركائب العزم إلا وقفت، أترى نام الحادي؟! أم ضعتَ؟! أم ضللت عن الطريق؟!

 

٣٩ - بالله عليك، تذكَّرْ برد حلاوة الطاعة في منزل: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ﴾ [الرعد: 24].

٤٠ - كم تُضيِّعُ بَذْرَ أنفاسك في سباخ[10] البطالة، متى ترده إلى زرع المعاملة، لعل أو عسى يثمر عود عسى[11].

 

٤١ - يا حبيبي، إلى متى تُنفِق النفس النفيس في التسويف؟! أما تخاف إذا سلكت سبيل الهوى كثرةَ المعاثر؟!

لو تذكرتَ ما يلاقي الرَّسْم في الرَّمْس[12]، لان جمادُ قلبك!

كم تلفِّق والمَنون يفرِّق؟!

كم تؤلِّف والحدثان يصرِّف؟!

كم تصفِّي والموت يكدِّر؟!

كم ترقِّق والحساب يدقِّق؟!

كم تولِّي والموت يعزل؟!

ما ينفع الغريقَ نداءُ مَن في الساحل.

 

٤٢ - يا هذا، مَن مال إلى الغنى بالمال مال، ومَن سكن إلى دوام الحال حال، إنما غنى الأبد سابقة "سَبَقَتْ"، ما يفي غنى الدنيا بزواله.

 

٤٣ - الليل مطايا المتهجِّدين، والتلاوة حاديهم، وفي السَّحَر تظهر أعلام المنزل، وفي الفجر تحطُّ عن القوم بضائع الأعمال، فإذا قام سوق: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة: 17]، هنالك يَعَضُّ النائم على أنامل الندَم!

 

٤٤ - معاشِرَ التائبين، اجمَعوا أشتات قلوبكم بالعُزلة، غمِّضوا بازي الهوى عن الطيران، فإذا ارتاض، فأطلِقوه في فضاء الاعتبار، يقتنِصْ لكم طيور المعاني.

 

٤٥ - مَن خرج له توقيع القرب، دلَّه دليل السعادة على الجادَّة، وغرس في قلبه أشجار الهداية، وسقاها ماء الحماية، فإذا ثمار المعرفة على أفنان اللسان ﴿ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 23] لقلوب دانية، هذا شرح منشور الإرادة، فما يتعلَّلُ بالتخلُّف إلا عليل!

 

٤٦ - لا يغتَر بلعب الخيال إلا مَن لا يعلم ما وراء الستر.

لا يغتر بالأحلام إلا مَن لا يعلم التأويل.

 

٤٧ - إذا ذهب منك فَلْس تحزن، وتفرح بعمر ولَّى في اللهو يا ليته يرجع، أما عايَنْتَ وضع الأحباب في التراب في لحدٍ خرِبٍ بلقع؟! نُقلوا مِن فسيح القصور إلى هولٍ يخرُسُ اللسانُ أن يعبِّر عما يرى، ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا ﴾ [آل عمران: 30].

 

٤٨ - يا معتكفًا على شهواتِ النفس، أخطأت الطريق.

يا معوقًا نصلَ سهمِ عزمه في طلب الدنيا، ما أصبتَ الغرض.

 

٤٩ - إذا وليت سلطنة القدر ولاية الولاية، عقدت لها ألوية العناية، فما حيلة المحروم؟!

إذا هبَّتْ نسيم التوفيق في سَحَر العناية، تحرَّكت أغصان قلوب المستغفرين، واهتزَّتْ أفنان الألسنة بصنوف الدعوات.

 

٥٠ - ويحَك! إن لم يكن ذلُّ العارف، فلا أقل مِن ذلِّ المعترف، لعل عطفة عطف تعطِفُك.

٥١ - بالله يا إخواني، ساعدوني بالبكاء ساعةً نبُثَّ أحزان قلوبنا؛ فلعل ريحَ قميص القَبول يأتي مع بشير العفو.

٥٢ - يا حبيبي، مَن ذاق حلاوة الأُنس بالحبيب في الخَلوات، باع النوم بنَقْد السَّهَر.

٥٣ - كم لك وأنت تائه في بوادي المعاصي، فمتى تنزل بوادي الندم؛ فهو مُعشِب ورائحته مستكية.

 

٥٤ - يا مَن هب على عارضه دبور الإدبار وجنوب المجانبة حتى قرب من ساحل الشيب، فانكسرت سفينة عمره، ويحَك! اخرُجْ على عود العود إلى مدينة التوبة؛ فلعل بعضَ ما غرق يطفو ﴿ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [هود: 86].

 

٥٥ - لو وُزن سرور الدنيا والحزن، لوُجد الحزن أكثر.

٥٦ - إذا اشتغلتَ بتجهيز البنات والبنين، متى تُجهِّز عمرك لدار القبر؟!

٥٧ - بالله، نُحْ على نفسك قبل أن يناح عليك، وابكِ قبل أن يُبكى عليك.

٥٨ - يا مقبلًا على الدنيا، كأنك بمدامع الأسف تجري ولا تدري!

كيف تجفو العمل الصالح وهو رفيقٌ رفيقٌ[13]؟!

 

٥٩ - متى أراك تحاكم هواك عند قاضي المخالفة؟

متى تقرطس سهمَ عزمك فتذوقَ حلاوة نيل الغرض؟

 

٦٠ - يا مطرودًا عن الباب، يا محرومًا مِن لقاء الأحباب، إذا أردتَ أن تعرف قدرك عند الملِك، فانظر فيما يستخدمك، وبأي الأعمال يَشغَلُك!

كم عند باب الملك مِن واقف بقصته، ولكن لا يدخل إلا مَن له عناية.

ما كلُّ قلب يصلح للقُرب.

ولا كل صَدْر يحمل الحب.

ما كل نسيم يُشبِه نسيم السَّحَر.

 

٦١ - إخواني، مَن تاه في ظُلمة ظلمه تَلِف.

٦٢ - طالب الشهوات باحث عن حَتْفه بكفه.

 

٦٣ - ويحك! قد احتويت على أربع مؤدية إلى التلف: الشيب والحرمان والذنوب والشقاوة، لا الثوب طاهر، ولا البدن نظيف، ولا القلب نقي.

أين فيض العَبَرات لحلول العِبَر، أين التلهُّف على زمان غبر؟!

أين البكاء على فَقْد أحباب لم يجُلْ فِراقُهم في الفكر؟! ﴿ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴾ [مريم: 98].

 

٦٤ - يا حبيبي، إذا مزق ثوب ثوابك مسمار المخالفة، فعليك برقاع الندم.

٦٥ - يا غارقًا في بحر الغفلة، سافَر المحبُّون على رواحل الصبر، وقطعوا أرض الشوق، وحطُّوا في روضة الأُنس، فتعطَّرَتْ أنفاسهم بنَشْر القرب، وعَبِقَتْ بنسيم الوصل، وقتيل الغفلة ما عنده خبر!

 

٦٦ - ما أسرعَ الخرابَ من قلب عُمِرَ بالمُنى! تُؤمِّل مشيد البنا، وربما ضربت لقبرك اللبنات! تُحدِّث نفسك بأرباح الهند، وربما كفَنُك عند قصَّار[14] بغداد!

 

٦٧ - يا مَن تخلَّف عن الباب حتى شاب وما تاب، بادِرْ قبل فوات الوقت وغَلْق الأبواب!

٦٨ - لا يستريح مِن تعب السفر إلا مَن وصل إلى المنزل، وما أشدَّ الحسرةَ على مَن فاته الركب وانقطع عن الرفاق!

 

٦٩ - إذا أدار فلَك السعادة شمس القَبول، أشرقت أرض رياض قلب التائب بنور ربها.

٧٠ - واعجباه! كم يَصيح النصيح بلسان فصيح ولا سامع، لا ينفَع العَذْل المتيم، ولا يسمع العتب عاشق.



[1] وقفتُ على نسخة واحدة مطبوعة لهذا الكتاب، لدار الكتب العلمية، وهي نسخة سيئة، بها أخطاء كثيرة جدًّا، مما دفعني إلى أن أبحث عن نسخٍ خطية، وبفضل الله وعونه حققتُ هذه المواعظ - ولست من أهل التحقيق - على صورتين عن نسختين خطيتين:

الأولى: نسخة بمكتبة دار الإفتاء السعودية، رقم 242، وهي نسخة تامة، وخطها جميل.

الثانية: نسخة مكتبة الأسكوريال، رقم 766، وبها بعض الصفحات سيئة التصوير، وقد استفدت منها في مواضع كثيرة.

[2] دارس مِن الرسوم أو الآثار: الذي امَّحى.

[3] تماكَس الشخصان في البيع: خدع كلٌّ منهما الآخَر.

[4] كَلَمَتْ: جَرَحَتْ.

[5] همَعَت العين: دمعت.

[6] أرض قَفْر: ليس بها زرع ولا ماء ولا بشر.

[7] البازي: جنس من الصقور الصغيرة أو المتوسطة الحجم.

[8] رخمة: حيوان من فصيلة النسريات، ريشُه غزير، يختلط به السواد والبياض.

[9] نافجة: وعاء المِسك.

[10] أرض سباخ: أرضٌ لم تُحرَثْ ولم تعمر؛ لملوحتها.

[11] عسى النبات: غلُظ وصلُب.

[12] الرَّمْس: القَبْر.

[13] رفيق رفيق؛ أي: صاحب رفيق.

[14] القصَّار: المبيِّض للثياب، وهو الذي يهيئ النسيج بعد نسجه ببَلِّه ودقِّه بالقصرة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مواعظ مؤثرة عن بر الوالدين لابن الجوزي
  • عشر مواعظ من كتاب اللآلئ لابن الجوزي
  • عشر مواعظ من كتاب تنوير الغبش لابن الجوزي
  • مائة وعشرون موعظة جديدة من كتاب "موافق المرافق" لابن الجوزي
  • مواعظ وحكم من كتاب روح الأرواح لابن الجوزي (2)
  • تسعون موعظة وحكمة من الكتاب النادر (صبا نجد) لابن الجوزي
  • (رمضان يوسف الزمان في عين يعقوب الإيمان) من كلام ابن الجوزي
  • مراجعة كتاب: تحفظات المملكة العربية السعودية على المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان "دراسة مقارنة"
  • مقدمة تحقيق "منتهى المشتهى" لابن الجوزي، تهذيب القفال
  • حكم من أوصله اجتهاده إلى مخالفة أمر معلوم من الدين بالضرورة
  • الأرواح جنود مجندة
  • كتاب "منية السالكين وبغية العازمين" ليس لابن الجوزي

مختارات من الشبكة

  • مواعظ القرآن الكريم أعظم المواعظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواعظ وحكم الشتاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواعظ وحكم الصيف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حفظ الله للعبد: قصص - حكم - فوائد - مواعظ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مواعظ ورقائق من كتاب "التبصرة" لابن الجوزي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عشر مواعظ من كتاب اليواقيت لابن الجوزي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواعظ رمضانية لابن الجوزي (6)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواعظ رمضانية لابن الجوزي (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواعظ من بستان الواعظين ورياض السامعين لابن الجوزي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواعظ رمضانية لابن الجوزي (4)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب